توتر مصري سعودي على خلفية زيارة سعودية لسد النهضة الاثيوبي .. السعودية تلعب في الفناء الخلفي لمصر .. فهل سترد القاهرة في اليمن..؟ وهل يستغل ذلك طرفي صنعاء..؟
يمنات – صنعاء – خاص
لاقت زيارة مسؤول سعودي بارز لسد النهضة الإثيوبي، غضبا في الصحف المصرية الصادرة الأحد 18 ديسمبر/كانون أول 2016.
و على الرغم من الصمت الرسمي المصري الذي صاحبه سفر غير معلن عنه لرئيس البلاد عبد الفتاح السيسي، إلى أوغندا غداة الإعلان عن تعاون معتزم بين الرياض وأديس أبابا.
تسريبات
و راجت تسريبات تناقلت على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، عن انسحاب مصر من التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، منذ أكثر من 19 شهرا. غير أن ما تم تداوله لم يرد في وسائل الاعلام الرسمية أو الأهلية المصرية.
و زار الجمعة الماضي، مستشار العاهل السعودي بالديوان الملكي أحمد الخطيب، سد النهضة في إطار زيارته الحالية لإثيوبيا بعد أيام من زيارة أخرى لوزير الزراعة عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي لأديس أبابا.
فتور
زيارتا الخطيب و الفضلي لأثيوبيا في ظل توتر معلن بين أديس أبابا و القاهرة على خلفية حصة الأخيرة من مياه النيل المهددة بسد النهضة الإثيوبي، القت بضلالها على العلاقات المصرية السعودية التي تشهد فتورا منذ أشهر على خلفية التباين في الملف السوري.
انتقام سعودي
و اعتبرت الصحافة المصرية زيارة الخطيب لسد النهضة بأنه انتقام سعودي من مصر على خلفية موقفها من الملف السوري.
صحيفة “الأهرام” الحكومية، اكتفت بنشر خبر زيارة الخطيب لسد النهضة، نقلا عن وكالة الأناضول التركية.
و نشرت الأناضول الخبر في أعلى صفحتها الأولى، وفي الصفحة السادسة الداخلية نقلت تفاصيل الخبر تحت عنوان (الأناضول: وفد سعودي رفيع المستوي يزور إثيوبيا وأديس أبابا تطالب المملكة بدعم سد النهضة ماديا) دون أن تعلق عليه.
صحيفة الأخبار الحكومية، كررت ذات الطريقة التي تداولت بها “الأهرام” الخبر، غير أن موقعها الإلكتروني، نشر خبرا بعنوان (6 أسرار لزيارة مستشار “سلمان” لإثيوبيا).
و أورد موقع الصحيفة، تعليقا لوزير الري المصري الأسبق، محمد نصر الدين علام، هاجم فيه المملكة. معتبرا زيارة الخطيب لسد النهضة بأنه تحرك خاطئ و يشكل سابقة خطيرة.
تهديد الأمن المائي
و أشار أن الزيارة تعد ردا على الخلافات الحالية بين القاهرة والرياض، واستكمالا لمسلسل التراجع عن الالتزامات السعودية بتوفير الامدادات البترولية لمصر بموجب اتفاق تعهدت به شركة “أرامكو” السعودية الحكومية، و التي أوقفت في أول أكتوبر/ تشرين أول الماضي امداد مصر بالوقود.
و أشار علام أن الزيارة تأتي استكمالا للطموحات السعودية بالاستثمار في إثيوبيا لمجموعة من المشروعات الزراعية. لافتا إلى أن الاستثمارات السعودية في إثيوبيا تتجاوز 13 مليار دولار، أغلبها في مشروعات زراعية مروية، يتم تصديرمنتجاتها إلى السعودية، خاصة الأرز.
و قال علام: أي خلافات بين الحكومة المصرية والسعودية أو القيادتين في البلدين لا يجب أن تنعكس في تصرفات غير مسئولة تهدد مصالح الشعبين، من خلال التلويح بالتعاون مع دولة تهدد الامن المائي للمصريين.
مكايدة
صحيفة المصري اليوم الأهلية، وصفت زيارة الخطيب إلى سد النهضة بأنها “مكايدة” من الرياض للقاهرة.
صحيفة “اليوم السابع” الأهلية ، رصدت في تقرير لها أبرز ما جاء في الصحف المصرية، تحت عنوان “السعودية فى سد النهضة”.
رسائل سلبية
صحيفة الوطن الأهلية، نقلت عن مصادر دبلوماسية لم تسمها أن زيارة الوفد السعودي لسد النهضة قد تبعث برسائل سلبية لمصر ومساهمة المملكة في تمويل السد (كما طالبت إثيوبيا) ستكون خطوة سلبية في مسار العلاقات مع القاهرة.
و نقلت الصحيفة ذاتها عن هانى رسلان، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاقتصادية (الحكومي) قوله، إن الزيارة السعودية للسد “لها بعد سياسي وإشارة إلى القاهرة أن المملكة دخلت في مرحلة الانتقام من مصرعلى خلفية موقفها من القضية السورية، وأنها تجاوزت كافة الخطوط الحمراء وتقف مع أديس أبابا في قضيتها ضد القاهرة”
و نفلت عن طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن الزيارة تعكس دعماً سياسيا سيقدم إلى أديس أبابا ومناكفة مباشرة للقاهرة نتيجة مواقفها من القضية السورية.
السيسي في اوغندا
لم تصدر تعليقات من الجانب المصري الرسمي حول زيارة المسؤول السعودي، غير أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، توجه صباح الأحد، إلى أوغندا (إحدى دول حوض النيل) لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين، في زيارة لم يعلن عنها مسبقًا وجاءت بالتزامن بعد زيارة الخطيب.
و تتخوف القاهرة من تأثير السد على حصتها السنوية من مياه النيل (55.5 مليار متر مكعب)، بينما يؤكد الجانب الإثيوبي أن السد سيمثل نفعًا له خاصة في مجال توليد الطاقة، وأنه لن يمثل ضررًا على السودان ومصر.
و أعلن التلفزيون الإثيوبي السبت عن تعاون معتزم مع الرياض في إنشاء السد.
وخلال لقائه مع مستشار العاهل السعودي أحمد الخطيب، أكد رئيس وزراء إثيوبيا، هايلي ديسالين، رغبة بلاده في التعاون مع السعودية في مجالات الطاقة، والطرق، والكهرباء، والزراعة، فضلا عن التعاون في مجال السياحة.
و قال الخطيب إن السعودية وإثيوبيا لديهما إمكانات هائلة ستمكن البلدين من العمل معًا في تعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بيهما.
مناكفات
و دخلت العلاقات السعودية المصرية مرحلة اخطر من “المناكفات” والضربات القوية “تحت الحزام”، في نقله نوعية من الحملات الإعلامية الشرسة المتبادلة، الى الدخول في تحالفات اقتصادية وسياسية مع الخصوم الإقليميين.
حساسية فائقة
و تنظر الحكومة المصرية للتقارب السعودي الاثيوبي المتزايد بحساسية فائقة، لانها تراه تهديدا لها، ويصب في مصلحة تعزيز التوجهات الاثيوبية، التي تهدد الامن المائي المصري، وحصتها من مياه نهر النيل على وجه الخصوص.
و تقول صحيفة “رأي اليوم” الالكترونية، اللندنية، إن المصريين، شعبا وحكومة، سيشعرون بالقلق، وربما بالغضب أيضا، من جراء الانفتاح الدبلوماسي والاقتصادي السعودي على اثيوبيا، با عتبار أنها الخصم الرئيسي الذي يطالب بتعديل معاهدات توزع مياه النيل التي تعطي مصر نصيب الأسد (حوالي 55.5 مليار متر مكعب سنويا)، لان سد النهضة الذي سيكون واحدا من سلسلة سدود أخرى يقام على روافد النيل الأزرق الذي يغذي اكثر من 80% من مياه النيل.
انتقام سعودي
التوتر في العلاقات المصرية السعودية، زادت حدته بعد فشل وساطة اماراتية لتطويق الخلاف. و يبدو أن العاهل السعودي يريد الانتقام من مصر بطريقته، و رفض التجاوب مع الوساطة الاماراتية، حيث وصل ابو ظبي بعد ساعتين من مغادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لها، ما يعني انه لا يريد أي مصالحة مع السيسي أو أي تعاون مع بلاده، وتجميد كل الاتفاقات التي جرى التوصل اليها اثناء زيارته التاريخية لمصر في الربيع الماضي، بما في ذلك الجسر الذي يربط البلدين فوق خليج العقبة، وعودة جزيرتي “تيران” و”صنافير” الى السيادة السعودية، وإقامة منطقة حرة في سيناء.
اللعب في الفناء الخلفي
و حسب “رأي اليوم” فإنه و في ظل هذه الخلافات المتفاقمة بين “الحليفين الاستراتيجيين” علينا ان نتوقع المزيد من “المناكفات”، وربما تبادل “اللكمات” السياسية والإعلامية في الأيام القليلة المقبلة، وردا مصريا على “اللعب” السعودي في الفناء المصري الافريقي كورقة ضغط على القاهرة، ولا نستغرب، او نستبعد، ان يأتي هذا الرد على شكل زيارات لمسؤولين مصريين الى كل من دمشق وطهران وصنعاء، والأخيرة تعتبر الفناء الأخطر للسعودية.
تجاوز الخطوط الحمراء
تدهور العلاقات بين البلدين متسارع، وتجاوز مرحلة الهجمات الإعلامية التقليدية، والاسابيع والاشهر المقبلة قد تكون حلبة مواجهات سياسية ودبلوماسية وإعلامية، بعد انتقال “الحرد” السعودي الى المواجهة مع مصر وحكومتها ورئيسها، واختراق كل الخطوط الحمراء في خريطة العلاقات بين البلدين.
الأيام القادمة ستكشف المزيد، في ظل علاقات مكهربة و تحركات رسمية في دول حوض النيل.
رسالة مصرية
و لعل تسريب أنباء انسحاب مصر من التحالف السعودي، رسالة ردع مصرية للرياض، التي باتت القاهرة تراها تلعب بالنار و تتعدى الخطوط الحمراء.
و في حال أصرت الرياض على تجاوز الخطوط الحمراء في حوض، سيكون الرد المصري بتجاوز ذات الخطوط الحمراء، في خاصرة السعودية الجنوبية (اليمن)، التي باتت بالنسبة لـ”الرياض” مستنقع يزداد غرقها فيه يوما بعد يوم.
الرد المصري في اليمن
لا يستبعد أن يكون الرد المصري على السعودية في اليمن، إذا ما تمادت الرياض في استمرار تجاوز الخطوط الحمراء في دول حوض النيل، و ما يؤشر إلى ذلك تسريب أنباء انسحاب مصر من التحالف السعودي.
الرد المصري ان جاء من هذا الجانب، سيكون مؤلما للسعودية، خاصة و أن البحرية المصرية هي من تتولى مراقبة السواحل اليمنية، في اطار الحصار البحري الذي يفرضه التحالف السعودي على الموانئ اليمنية.
طرفا صنعاء هل سيستغلان اللحظة..؟
يبدو أن التحالف السعودي بدأ انفراطه قبل أن يكمل عامه الثاني، دون تحقيق ما كانت تصبو إليه الرياض. و السوال الذي بات يطرح نفسه: هل سيستغل طرفا صنعاء هذا التوتر و الخلاف و يوظفاه لصالحهما، و يكفا عن التنازلات التي يقدمانها للسعودية، و أخرها التزام مسقط بنقل لجنة التهدئة إلى ظهران الجنوب، الذي يجعل من السعودية راعيا لا معتديا..؟!
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا